مراجعة لعبة Indiana Jones And The Great Circle

مقدمة

تصل لعبة "إنديانا جونز والدائرة العظيمة" إلى منصة بلايستيشن، بعد أن بزغ نجمها بوميض الإبداع في نهاية العام الماضي.

تجربة اللعبة

تُقدِّم هذه التحفة الفنية تجربة فردية من منظومة منظور الشخص الأول، تتخللها ألغاز ذكية وروح مغامرة أصيلة، إلى جانب تنوع باهر في أساليب التسلل والقتال. وقد أبدع استوديو Machine Games، صاحب الفخر في عالم الألعاب بسلسلة Wolfenstein، في صياغة هذه التحفة المتميزة.

القصة

ينطلق السرد في رحلة ملحمية، إذ ينطلق إندي في مغامرة بحثية عن تمثال في بيرو، فيعود بعدها إلى كلية مارشال للآثار التي يشرف عليها كأستاذ فطن. وفجأة، يقتحم رجل ضخم أروقة الكلية ويسرق تمثال "قطة المومياء"، فيسرع إندي للبحث في خفايا هذا اللغز، فيتخلله اكتشاف لعلاقة غامضة بطائفة في الفاتيكان. ولا تتوقف الأحداث عند هذا الحد، بل يأخذه القدر إلى وجهات جديدة، يكشف له من خلالها الصورة الشمولية التي تربط بين التمثال والنازيين، والدائرة العظيمة التي يلاحقها العدو فوس في أرجاء المعمورة.

الأداء التقني

أسرتنا التفاصيل البصرية المذهلة التي ترقى إلى أعلى مراتب الكمال، ففي كل زاوية من عالم اللعبة يكشف الناظر عن جهدٍ دؤوبٍ من الحرفية الرفيعة. إذ يكفي مجرد الوقوف متأملاً من معالم العالم الخلاب لتدرك مدى الإبداع المبذول في صياغة تجربة بصرية فريدة، فتنوع البيئات يدعو إلى استراحةٍ تأملية بعيداً عن أحداث القصة، دون أن يسلبنا ذلك بريق الروعة في تعابير الوجوه ومشاهد السينما الخلابة التي تجمع بين إندي وفوس، وكأنها معزوفة سينمائية تفيض بالأحاسيس والمشاعر السامية. وعلى الرغم من هذا الإتقان الفني، لم يتوانَ فريق التطوير عن صقل اللعبة حتى أشهى طراز تقني؛ فهي تعمل بدقة 4K ومعدل 60 إطاراً بالثانية، مما يجعلها من القلة التي ترتقي إلى مستوى ألعاب AAA في جيلنا الحديث.

‏الشخصيات

يتجلى في مشهدها تنوع اللغات وتعدد الثقافات، إذ تنطق كل شخصية بلغتها الأم؛ ففي أروقة الفاتيكان ترتفع إيقاعات الإيطالية، وفي أرجاء مصر تنساب العربية بلمسةٍ مصرية أصيلة. وقد حظي الأداء العربي في مصر بإشادةٍ نقدية لما أضفى من صدق وأصالة على الحكاية.

إنديانا جونز: بطل اللعبة، المغامر الفذ وعالم الآثار الذي بات أسطورةً في حد ذاته؛ يُزيّن صوته عبقرية الممثل "تروي بيكر"، الذي نقش اسمه بعدة أدوار خلّدت في ذاكرة عشاق الألعاب مثل جول في The Last of Us، ولوكي في Marvel Rivals، وكانجي في Persona 4.

جينا لومباردي: تسافر بحثاً عن شقيقتها "لورا لومباردي" في رحلة شغف وإصرار؛ حيث تتألق الممثلة "أليساندرا ماسترونادي" بمنتهى الرقة، مما يُبرز أهمية اختيار ممثلة من الأصول الإيطالية لتجسيد الشخصية بكل دقة وأناقة.

إيميريك فوس: حامل لواء الغموض والصراع، أحد صناديد الحزب النازي، فهو معارف إندي وساعي القوى الخفية وراء الدائرة العظيمة؛ حيث يؤدّي دوره بصوت الممثل الألماني "ماريوس غافريليس"، الذي يمزج بين حدة النبرة وعمق المشاعر بألمانية تقطر أصالة، مما يضفي على شخصية فوس بعداً من الخلابة والهيبة.

أسلوب اللعب

في رحلتك في أرجاء اللعبة، ستحتاج إلى مزيج من المهارة والحذر، فاللجوء إلى مهارة التخفي يصبح ضرورة حينما يتطلب الأمر التجنب أو مواجهة الأعداء بطرق غير تقليدية. ففي مواجهات القتال، لا يُعتمد على خدع بسيطة كرمي الزجاجة بعيداً لإلهاء الخصم، بل يُستلهم اللاعب من عبقرية استراتيجيته الخاصة في تغيير المظهر والزيّ، إذ إن كل زي ترتديه قد يفتح لك أبواباً مغلقة ويغلق لك أخرى، مما يكسبك حرية اختيار أسلوب اللعب سواء كان التخفي الراقي أو المواجهة المباشرة. وفي أعماق أولى المناطق، يتجلى هذا الخيار من خلال رداء اختياري لا يمكن الوصول إليه للملتزمين بسرد القصة فحسب، بينما يروي استخدام السوط حكاية تتراقص فيها حركة الخصم وانكساره، فهو يُعيق عدواً كما يُحفز استدعاء السلاح تلقائياً عند تطويره، فتُصبح المواجهات معارك ذكية تتطلب بلاغة التفكير.

ولم يكن عالم إندينا جونز مجرد مسرح للمعارك، بل احتضن أيضًا نبض الأساطير في كثيرٍ من المباني والمعالم التي تخبئ ألغازاً متنوعة؛ منها ما يعتمد على القراءة الراقية ومنها ما يستدعي سرعة البديهة وفطنة التنكر.

المحتوى الجانبي

يتزين كل ركنٍ من أركان اللعبة بمحتوى جانبي بديع، إذ تتوفر الكتب التي تفتح لك أفق التطوير، فهي تطور صحة الشخصية، السوط، اللياقة، سعة التخزين، والأسلحة وغيرها من القدرات. وتكون تكلفة التطوير إما بنقاط تجنيها من التصوير، أو بمال ملموس تجنيه من خلال السرقة أو حتى تبرعات الشخصيات الأخرى، مما يفتح عدة طرق لمنح اللاعب حرية الإبداع. ولا ننسى نشاط التصوير الذي يفيض بتنوع المشاهد؛ فهو يقترن بتصوير معالم أثرية وثقافية تحمل طابعاً قصصياً أو جانبياً، فينبغي أن يكون رفيقك في رحلتك لتعزيز متعة اللعب بعد بلوغ ذروة التطوير.

كما يحوي عالم اللعبة مهامًا فرعية تُتيح لك لقاء شخصيات جديدة تتداخل مع نسيج القصة الأساسية، لتلبي احتياجاتها أو لتكشف عن لغز مستتر؛ وتُمدك هذه المهام بتلميحات ومستندات تزيد من حماسك وترسخ تعلقك بعالم اللعبة، حتى وإن كان عددها قليلًا فإن جودة تلك المهام تفوق الكثرة، إذ تفضل القلة المتقنة على الكم الوفير الضعيف.

ملخصنا في تصميم: