المقدمة:
عادت لنا سلسلة Silent Hill في العام الماضي بعد غياب سنين طويلة بإعادة صنع لأكثر أجزائها أيقونية وهو الجزء الثاني، ومن خلال نسخة Xbox الحديثة فلا تزيد اللعبة عن إصدارها في العام السابق إلا جمالاً واستقرارًا تقنيًّا مدهشًا يجعل منها النسخة الأكثر استقرارًا على الأجهزة المنزلية.
القصة:
تعيد لعبة Silent Hill 2 Remake تقديم واحدة من أكثر القصص تأثيرًا في عالم ألعاب الرعب النفسي، معتمدة على سرد ناضج يتعمق في الحالة الإنسانية بقدر ما يتعمق في الرعب ذاته. تبدأ الأحداث عندما يتلقى جيمس سندرلاند رسالة غير معقولة من زوجته الراحلة ماري، تخبره فيها بأنها تنتظره في مكانهما "الخاص" داخل بلدة Silent Hill. هذا النداء المستحيل يدفعه إلى العودة إلى المدينة التي كانت يومًا ملاذًا لهما، ليجدها اليوم غارقة في ضباب كثيف وصمت خانق يخفي وراءه مزيجًا من الهلوسات والكوابيس المجسدة.
مع تقدم جيمس في شوارع المدينة المهجورة، يبدأ السرد في رسم صورة لرجل مُثقل بالندم والذكريات المؤلمة، حيث تصبح كل زاوية من Silent Hill انعكاساً داخلياً لمشاعره المتقاطعة. الكائنات التي يواجهها لا تبدو مجرد وحوش، بل تمثيلات رمزية لصراعاته النفسية، بينما الشخصيات التي يصادفها في طريقه تكشف تدريجياً عن طبقات جديدة من الغموض وتدفع اللاعب إلى طرح الأسئلة أكثر مما يحصل على إجابات.
القصة في الريميك تركز على رحلة جيمس من الشك إلى المواجهة، ومن الهروب من الماضي إلى كشف الحقائق التي حاول نسيانها. لا تعتمد اللعبة على الصدمات السريعة، بل على بناء توتر عميق يزداد ثقلًا مع كل خطوة داخل المدينة. النبرة العامة قاتمة، تأملية، وتُقدم حكاية شخصية جدًّا تجعل اللاعب يشعر بأن Silent Hill ليست مجرد مكان، بل مرآة نفسية تعكس أدق نقاط الضعف البشرية.
الحوارات
تقدّم Silent Hill 2 Remake حوارات تحمل مزيجًا من القوة والقصور، فتنجح أحيانًا في تعزيز الطابع النفسي العميق للعبة، وتتعثر أحيانًا أخرى في تحقيق الإيقاع المطلوب. من جهة، يحتفظ الحوار بروح النسخة الأصلية، مع جمل قصيرة ومشحونة بالمعاني الضمنية تعكس الاضطراب الداخلي للشخصيات وتبني توترًا هادئًا يخدم السرد. الأداء الصوتي الجديد يضيف طبقة نضج وواقعية، فيجعل اللحظات الحساسة أكثر تأثيرًا ووضوحًا. ومن جهة أخرى، قد يشعر اللاعب في بعض المقاطع بأن الحوار يجنح نحو غموض زائد أو برود غير مبرر، مما يخلق مسافة بين المشهد وما يريد أن يوصله. ومع ذلك، تظل الحوارات جزءًا أساسيًا من الهوية النفسية للعبة، ناجحة في معظم الأحيان في دعم الأجواء والتجربة السردية حتى مع وجود بعض التفاوت في الجودة.
أسلوب اللعب:
من خلال الريميك، قام Bloober Team بتغيير منظور الكاميرا إلى منظور فوق الكتف بدلاً من الكاميرا البعيدة والثابتة في اللعبة الأصلية. يجلب هذا التغيير أيضاً تغييراً جذرياً في نظام اللعب. فعلى الرغم من عروضها المخيبة، عند تجربتي للعبة اختلف الوضع تماماً وكانت اللعبة ممتعة وأيضاً متقنة من هذه الناحية. بالتأكيد لم تصل إلى مستوى إتقان وسلاسل ألعاب أخرى، ولكن في نظرنا المقارنة غير عادلة تماماً في هذا الجانب، وقد قام الأستوديو بأفضل عمل ممكن يمكن أن يتمناه أي شخص محب لهذه السلسلة العريقة.
ولكن ما يمكنني قوله أنه متقن لأبعد درجة هو تصميم المراحل العبقري الذي استطاعوا من خلاله جعل المراحل كأنها ألغاز بنفسها. ستجد نفسك تنظر للخريطة كثيراً في اللعبة نظراً لتعقيدها.
الألغاز:
قام استوديو Bloober Team بإعادة ترتيب وإضافة ألغاز جديدة لم تكن موجودة في النسخة الأصلية، ويحتاج بعضها إلى التفكير بشكل عميق لحلها. وللاعبين الذين لا يحبون الألغاز الصعبة، تمكنك اللعبة من تغيير مستوى الألغاز حسب رغبتك من السهل إلى الصعب.
شخصيًا، قمت بلعبها على المستوى الصعب "Hard"، واللعبة صعوبتها موزونة وديناميكية، حيث تُقيّم مستواك في اللعب وتُغير مستوى الأعداء والرصاص والعلاجات الموجودة في العالم بناءً على ذلك.
الأعداء والزعماء:
عند تحول منظور اللعب إلى منظور فوق الكتف، جلب معه أيضًا تغييرًا في تصرف الأعداء. على الرغم من عدم تنوعهم الذي قد يراه الكثير سلبية، إلا أن تصميمهم ووجودهم لديه أسبابه الخاصة (لن أذكرها تجنبًا للحرق).
فالأعداء أصبحوا أكثر خطورة من الجزء الأصلي، فضرباتهم أصبحت ذات ضرر أكبر، وكذلك يمكنهم تجنب ضرباتك، وخاصةً العدو "Mannequin" الذي حصل على أفضل تغيير. فسابقًا كان مجرد أنه واقف في الطريق، أما حاليًا يختبئ ويفاجئك بالعديد من المرات. لكن عيب الأعداء الوحيد هو توزيعهم بشكل مبالغ فيه، فعند محاربة أكثر من عدو تصبح اللعبة غريبة نوعًا ما.
ولكن من ناحية الزعماء بشكل عام، فكانت هناك العديد من التحسينات (خاصة أحد الزعماء الذي غيّروا من قتاله جذريًا وأصبح أفضل من كل النواحي مع لمسات Bloober Team الجميلة جدًا من الناحية الفنية). أما باقي الزعماء فمعظمهم قد احتفظوا بنفس أساس اللعبة الأصلية مع العديد من التحسينات.
التصميم الصوتي:
دعونا نبدأ بالموسيقى؛ لأنه لا داعي لأن نتكلم عن الأيقونة أكيرا ياماوكا الذي عاد شخصيًا للقيام بالعمل على الريميك، وقام بالإشراف على إعادة تسجيل معظم موسيقى الجزء الأصلي، بالإضافة إلى العديد من المعزوفات الموسيقية التي تضيف إلى الجو العام للعبة. ليس هذا فقط، بل التصميم الصوتي بالكامل كان إحدى أكثر الجوانب إتقانًا من فريق الصوت لدى Bloober Team.
هناك لحظات تسمع فيها أصواتًا مرعبة وموسيقى لا تدعك ترتاح أبدًا، وأخرى تكون اللعبة صامتة تمامًا ولا تسمع إلا أصوات المشي وأنفاس جيمس نفسه. فعلًا تجربة لا تُنسى من هذه الناحية.
الأداء التقني:
من خلال مراجعتنا على منصة Xbox Series X، قدمت Silent Hill 2 Remake خيارين للمستخدم: الأول هو خيار الجودة (Quality) بدقة إخراج 4K وأداء 30 إطارًا في الثانية، والخيار الثاني هو طور الأداء (Performance) الذي يقدم دقة 1080p مرفوعة إلى 4K تقريبًا مع أداء 60 إطارًا في الثانية ثابتًا وسلسًا.
في موازنة بين المنصات، يظهر Xbox Series X تفوقًا واضحًا على PS5 و PS5 PRO من حيث ثبات الإطارات (أحيانًا بفارق 10 إطارات في الثانية)، مما يجعل التجربة على Series X أنسب لمن يفضل الاستقرار والسلاسة في ألعاب الرعب.
تمت المراجعة على نسخة جهاز Xbox Series X حصلنا عليها من الناشر.

ملخصنا في تصميم:

تعود لعبة Silent Hill 2 لتخطف الأنفاس برعب نفسي عميق وتجربة لعب محسّنة. ريميك الجزء الثاني يعيد القصة المؤثرة لجيمس سندرلاند مع رسومات وصوتيات مذهلة، ألغاز ذكية، وأعداء أكثر تحديًا. منظور الكاميرا الجديد يجعل الاستكشاف أكثر إثارة، والأداء التقني على Xbox Series X سلس وثابت.
المحاسن
- أداء تقني رائع ولا يشوبه شيء.
- الألغاز والاستكشاف من أعلى طراز.
- قصة وشخصيات ممتازة مع أداء تمثيلي محترف.
- رسوم بيئية وصوتيات مدهشة.
- أجواء رعب نفسي قوية ومؤثرة.
المساوئ
- بسبب زيادة مدة اللعبة عن الأصلية، أصبحت مقاتلة الأعداء على المدى الطويل مملة، وبعض الـ Jumpscares فقدت تأثيرها.
- بسبب زيادة مدة اللعبة عن الأصلية، أصبحت مقاتلة الأعداء على المدى الطويل مملة















شارك في النقاش
لتترك تعليقًا، سجِّل دخولك.